-
مصر
الفنان المصري الأرمني الكسندر هاكوب صاروخان يعتبر صاحب الشرارة الأولى لفن الكاريكاتور المصري والعربي، وأحد أهم رواد هذا الفن، واختير في العام 1957 من أقوى 100 رسام كاريكاتور في القرن العشرين، لأن أعماله جسدت صراعات شعوب العالم وآمالها وطموحاتها. وصنّفه الكثيرون على أنه رائد فن الكاريكاتور السياسي، لكن رسومه الاجتماعية لا تقل أهمية عن «القنابل» السياسية التى فجرها في الشارع المصري على مدى نصف قرن، بحيث ارتبط المصريون بريشته وأفكاره، وبشخصية المصري أفندي التي ابتدعها وجسدت معاناة الشعب المصري وطموحاته وكفاحه ضد الاستعمار. الصدفة التي قادته الى الاسكندرية في العام 1924 جعلته يعشق تراب مصر، فقرر أن يقضي بقية عمره على أرضها. وقد منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الجنسية المصرية في العام 1955.
ولد صاروخان في العام 1898 في بلدة أردانوش في أرمينيا، التي كانت تقع آنذاك ضمن روسيا القيصرية بينما غدت بعد العام 1918 ضمن تركيا الحالية. وانتقل والده هاغوب صاروخان في العام 1900 الى مدينة باطوم التي كانت المركز الاقتصادي والاداري ثم الى اسطنبول في العام 1909 لتأسيس شركة له. وهكذا نشأ الكسندر وأخوه ليفون في اسطنبول حيث التحقا بمدرسة للأرمن وبقيا هناك حتى نهاية الحرب العالمية الاولى. ومع انهيار الامبراطورية العثمانية واحتلال الحلفاء اسطنبول في العام 1918 وغموض الوضع في القوقاز، قرر الأخوان في العام 1922 ترك اسطنبول والذهاب الى عمهما في بروكسل. وبفضل دعم هذا العم المثقف، التحق الكسندر بمعهد الفنون في فيينا الى أن تخرج فيه صيف العام 1924. وخلال دراسته في فيينا، حيث بدأت موهبته الفنية تبرز في شكل واضح، التقى صاروخان بالشاب المصري المثقف عبدالقادر الشناوي الذي تمكن من إقناعه بالذهاب معه الى مصر لإصدار مجلة فكاهية هناك. وبعد شهور من الاستعداد، التحق صاروخان في القاهرة بصديقه الذي فشل في اصدار المجلة الفكاهية الموعودة. ونظراً الى أن الجالية الارمنية في القاهرة كانت قوية بوجودها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فقد وجد صاروخان من يرحب به ويقدر مواهبه. وهكذا بدأ إبداعه في الوسط الارمني، فأصدر مجلة ساخرة باللغة الارمنية سماها «السينما الأرمنية» في العام 1925، واستمرت في الظهور حتى العام 1926. لكن الانطلاقة الحقيقية لصاروخان في مصر والعالم العربي بدأت في أواخر العام 1927 عندما تعرف إلى الصحافي المصري المعروف محمد التابعي الذي دعاه الى العمل في مجلة «روز اليوسف»، فكان أول كاريكاتور له على غلاف المجلة في العام 1928. وبعد تأسيس التابعي مجلة «آخر ساعة» في العام 1934 أخذ معه صاروخان، الذي ما لبث أن انتقل في العام 1946 الى جريدة «أخبار اليوم»، وبقي وفياً لها حتى اليوم الاخير في عمله 31/12/1976، الذي رسم فيه آخر كاريكاتور له قبل أن يموت في صباح اليوم التالي. وعلى رغم المكانة الكبيرة التي احتلها صاروخان في فن الكاريكاتور في مصر خلال نصف قرن، الا أن تكريمه تأخر، اذ أقيم له أول معرض فني شامل في قاعة مؤسسة «الاهرام» في العام 1998، وقامت محافظة القاهرة في العام 2006 بإطلاق اسمه على أحد الشوارع في منطقة النزهة الجديدة.